fahd 10 Posted October 28, 2008 Partager Posted October 28, 2008 تخيل أنك ترجع لبيتك فتجده قد تحول إلى سفارة "إسرائيل " في بلدك ، مثلما حدث مع عادل إمام في فيلم " السفارة في العمارة "...طبعا سيكون موقفك هو المقاومة ، وقد يصل بك الأمر إلى التفكير في أن تلبس حزاما ناسفا ، لتنسف البيت بمن فيه...وربما بعد ذلك تطلع صورك على الجرائد ، فتصفك الصحف القومية بالشهيد والمجاهد ، وتصفك الصحف الموالية ......... بأنك إرهابي يقف في طريق السلام العادل ، السلام العادل الذي يقوم على مبدأ أنك تضرب على دماغك بالجزمة القديمة من قبل العدو دون أن يكون لك الحق في أن تنبس ببنت شفة ، ولا حتى أن تصرخ من التوجع حتى لا تزعج ضاربك. لكن الذي رأيته أكبر بكثير من هذه المصيبة...... فهذه المرة السفير الإسرائيلي لم يسكن في بيت أحدهم ، ولكنه سكن في جسد أحد أصدقائي ... والقصة كانت كالآتي.... "زارني صديقي الذي بدت عليه علامات غريبة في تصرفاته وملامحه وآرائه ، فلقد لاحظت مؤخرا بأنه لا يتكلم كثيرا عن القضية الفلسطينية ، بل وأصبح متساهلا جدا في كلامه عن اليهود عكس ما تعودته منه ، فتارة يقول لي اليهود أبناء عمنا وهذه صلة رحم يجب أن نصلها وإلا قطعنا الله ، وتارة أخرى يقول والله شارون حاول بكل إمكانياته أن يبرم سلاما مع الفصائل المقاومة في فلسطين ولكن الفكر الديني المتطرف الذي تحمله هذه الفصائل يقف حائلا في تحقيق سعادة السلام الذي تنادي به كل الديانات السماوية والأرضية ، بل ولاحظت أن صاحبي صار يرفع شعار المصالحة العالمية على غرار المصالحة الوطنية التي تنادي بها الحكومة عندنا مؤخرا لتحقيق حياة مستقرة وهادئة ، وصار صاحبي ينادي بوجود سفير إسرائيلي في كل بلد عربي فاليهود أصحاب حق وهم بشر من حقهم أن تكون لهم علاقات دبلوماسية طبيعية ، ومن باب العدل إذا كانت أمريكا التي تمول إسرائيل وتساعدها في كل مخططاتها ، وتحتل العراق وأفغانستان.. العرب يتسابقون لتوطيد علاقتهم الدبلوماسية بها ، فلماذا لا تكون لهم علاقة بإسرائيل ..؟ ، ثم استطرد صاحبي قائلا : وماذا ربحنا من مواقفنا العروبية والقومية ؟ بصراحة استغربت من كلام صاحبي هذا خصوصا وأنني أعرف عنه مواقفه المعادية للسامية على حد تعبير اليهود ، فصاحبي هذا لطالما طاف بنا حرم الجامعة أيام الجامعة وهو يهتف " تسقط إسرائيل " و" عاشت فلسطين حرة عربية "، وأكثر ما كان يحيرني ترى ما الذي جعل صاحبي هذا ينقلب 180 درجة بهذا الشكل السريع ؟ وفي يوم من الأيام جاءتني ابنه صاحبي هذا وهي تلهث وتقول " صديقك مريض جدا ويجب أن تأتي معي إلى البيت حتى تراه ". وبسرعة الريح انطلقت إلى بيت صاحبي ورفيق عمري ..... وقفت عند الباب ، وقرعت الجرس ، فتحت زوجة صاحبي وأدخلتني الصالون وعلى وجهها يبدو حزن عميق ، فسألتها وكلي قلق " ما الذي حصل لإبراهيم ؟ " ، فقالت لي "هو في غرفته مجتمع مع السفير ؟ " ،،، فنظرت إليها " مع أي سفير ، ثم إن إبراهيم منذ متى يعرف سفراء ؟ ، طوال حياته لا يعرف إلا البطالين والعمال البسطاء ، وربما كان أرقى معارفه من المعلمين ...فمن أين له أن يتعرف إلى سفراء ؟ ، فقالت لي " بلى ، إنه يجتمع مع السفير في غرفة نومه الآن ، ولم ينقطع هذا الإجتماع منذ ثلاثة أيام ". ازدادت حيرتي أكثر ....فقلت لها " أستحلفك بالله سفير أي دولة هذا الذي يجتمع مع إبراهيم ثلاثة أيام بلياليها ..؟ " ، فأجابتني .." سفير إسرائيل "...وما إن قالت إسرائيل حتى شعرت ببرودة تعم كامل جسمي ..." لقد فعلتها حكومتنا وعقدت علاقات مع العدو ، هي علاقات سرية ، واتخذت من بيت إبراهيم مقرا للسفارة ...وسرعان ما فسرت تعاطف صاحبي إبراهيم مع السامية – كما يطلق اليهود على أنفسهم –" ثم انطلقت نحو غرفته ، حتى أضبطه متلبسا بخيانته مثلما تضبط الزوجة زوجها في وضع مخل بالحياء مع عاهرة ، وقلت سأفضحه الخائن....وما إن فتحت الباب حتى وجدت إبراهيم مستلقيا على سريره وبين يديه كتاب " العلاقات السرية مع إسرائيل " فصرخت " أين هي – أقصد – أين هو يا خائن يا غشاش ؟ " فتشت خلف الستائر وتحت السرير وداخل الخزانة فلم أجد أثرا لسفير الكيان العدو الصهيوني –كما تصفهم قناة المنار – ونظرت في وجه صاحبي فوجدته شاحبا كئيبا ، يشبه إلى حد كبير وجوه المدمنين الذين انقطع عليهم المدد من تجار الحشيش ...كلمته فلم يعبأ بي وبقي يحدق في الكتاب بين يديه ، ثم قالت لي زوجته " صاحبك مريض ، يتوهم أنه يجتمع مع سفير إسرائيل ، وهو على هذه الحالة منذ ثلاثة أيام ". فنظرت هنيهة وقلت لها " ربما به مس من الجن ، أنا أعرف شيخ راقي يمكن أن يساعدنا ، موعدنا بعد العصر إن شاء الله ". صليت العصر في المسجد الذي يصلي فيه الشيخ والذي يعرف عليه أنه الراقي الذي لا تستعصي عليه عفاريت الدنيا ، وبعد أن فرغنا من الصلاة شرحت للشيخ حالة صاحبي فطمأنني وقال لي محلولة أن شاء الله ، وتوجهنا إلى بيت إبراهيم بعدما اشترينا لترا من زيت الزيتون ورطلا من العسل الحر ، استقبلتنا زوجة صاحبنا وأدخلتنا الصالون ، ثم طلب منها الشيخ دلو ماء صالح للشرب ، وراح يتلو آيات من القرآن الكريم وينفث داخل الدلو...ثم طلب منا أن نذهب إلى غرفة المريض .... وجدنا صاحبنا مستلقيا على سريره وكأنه كان في انتظارنا ....ولما ألقى عليه الشيخ السلام ، رد بصوت عال ....شالوم شالوم .. وضع الشيخ يده على جبين إبراهيم وراح يتلو القرآن الكريم ، وكان الشيخ كلما يقرأ آية يذكر فيها بني إسرائيل يهتز جسم صاحبي ويرتعش وينتفض ...ثم يصرخ ويعوي مثل الذئب ، والشيخ يقول بعلو صوته " أخرج منها يا ملعون ، أخرج منها يا ملعون " هنا تذكرت أن صدام حسين كتب رواية بهذا العنوان ، وسرعان ما عدت للتركيز في عملية الرقيا ، وفجأة صدر صوت غريب من جوف صاحبي ، يشبه صوت الأشرار في الرسوم المتحركة التي تعرض في التلفزيون على الأطفال وراح يقول " لن أخرج أنا هنا بموجب اتفاقات دولية تحميني وتحمي وجودي " فقال له الشيخ " من أنت أيها اللعين ؟ " فأجاب " أنا السفير الإسرائيلي في هذه البلاد " . ثم دا ر بينهما هذا النقاش . - ولكن بلادنا لا تعقد علاقات مع إسرائيل . - هذا على مستواكم أنتم البشر ولكن على مستوى العفاريت ربما الأمر يختلف. - أتقصد أنه هناك علاقات بين بلادنا وبين إسرائيل على مستواكم ؟. - طبعا هنالك علاقات وطيدة . - فقلت في قرارة نفسي " الخونة ". فتوجه إلى العفريت بالكلام ..." بلع فمك ". بمعنى أغلق فمك. فثارت ثائرتي ولولا أن الشيخ أمرني بالتماسك لكنت هشمت جمجمة صاحبي بكرسي . ثم عاود الشيخ نقاشه مع سعادة السفير العفريت : - أخرج بموجب عهود سليمان –عليه السلام – من هذا الجسد ، وأجر بناية في حيدرة وأتخذها سفارة لدولتك. - لا نحن معشر السفراء العفاريت سفاراتنا تكون في الأجساد الآدمية ..ولم أجد خيرا من هذا الجسد حتى أتخذه مقرا للسفارة. - لماذا هذا الجسد بالذات ؟ - لأنه دائما يفتح فمه ليشتمنا ، ولقد اخترته بالذات حتى أثبت مدى هشاشة أناس مثل هذا ، وانتقاما منه أسست السفارة داخل جسمه وعقله . هنا تنحنحت وقلت في أعماق نفسي " بسم الله الله أكبر ستكون مصيبة سوداء لو يفكر السفير في تأسيس قنصليات وملحقات سفارة " وهممت بالهروب. ولكن الشيخ أمرني أن أبقى إلى جانبه حتى أمده بالماء والزيت. ثم واصل الشيخ نقاشه مع سعادة السفير . - ولكنك تؤذي هذا الرجل المسكين الذي تسكنه فهو " أبو عيال " كما تعرف .وهذا يتعارض مع مبادئ السلام . لماذا لا تخرج منه الآن وتتركه يقلب قوت عياله ؟ - لا ،لا يمكن أن أخرج طبعا .... هنا ثارت ثائرتي .....وقلت له : " لماذا لا تخرج ، لماذا تسكن جسد هذا البسيط ، اذهب وأسكن غيره من المرفهين الذين يصلون على إلى أرقى المناصب بمجرد أن يلعنوا سنسفيل أجدادكم وأترك هذا الجسد المسكين المتعب . ولكن السفير العفريت استرسل في الضحك والقهقهة العالية ...ثم قال " هؤلاء لا ينفعون كمقرات لسفاراتنا ، نحن نحتاج إلى مقرات عاقلة ومتعلمة ". سكتت عن الكلام لأن الشيخ قاطعني قائلا : _ " يأ أستاذ مستوى دعني أشتغل في هدوء ألا ترى أنني أفاوض عفريتا من السلك الدبلوماسي .؟ ". ثم قال الشيخ لسعادة السفير : - أخرج من هذا الجسد وإلا اضطررت إلى وسائل ثانية لإخراجك بعدما لم ينفع معك الكلام بهدوء. وكم أعجبتني شجاعة الشيخ وهو يتكلم إلى مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى وقلت في قرارة نفسي " كم نحتاج نحن البشر العرب أن نتكلم بمثل هذه الشجاعة مع البشر الإسرائيليين...فيقول المسؤولون لشارون وحكومته مثلما قال الشيخ للعفريت الدبلوماسي. وسرعان ما توقفت عن مثل هذا التفكير القومي خوفا من أن يشعر العفريت بتوجهاتي فيقيم قنصلية في جسدي. ثم قال لي الشيخ : - ناولني قنينة زيت الزيتون ، ستبدأ الحرب ، وسأجعل هذا العفريت يتذكر كل حروب العرب مع إسرائيل وخصوصا حرب أكتوبر. لم يكن ينقص الشيخ في تلك الساعة إلا ملابس عسكرية وبندقية رشاش وعبوة ناسفة ، ومراسل من قناة الجزيرة ينقل المعركة على الهواء مباشرة. دهن الشيخ رأس صديقي إبراهيم بالزيت وبدأ يقرأ سورة البقرة ، هذه السورة التي كشفت بني إسرائيل على حقيقتهم....غير أن سيادة العفريت اكتفى بالضحك تارة وتارة أخرى بالتهديد بتبليغ مجلس الأمن العفاريتي ،،، وأنه استدعى قوات لحمايته وحماية البعثة الدبلوماسية التي تسكن جسد صاحبي . فقمت من مكاني متحمسا كعادتي ووضعت يدي على جبين إبراهيم ورحت أتلو الاناشيد الثورية الحماسية مثل " منتصب القامة أمشي مرفوع الهامة أمشي " ومثل " مناضلون بلا عنوان مناضلون في أي مكان " ، و" يا جبل ما يهزك ريح " و " سقط القناع على القناع " ،،،، وتحولت فجأة إلى راديو الإنتفاضة وصوت فلسطين صوت الثورة الفلسطينية. وقبل أن يفكر سعادة السفير في إقامة أي ملحق لسفارته ...خرجت مهرولا ... " ألا يكفي أن إسرائيل تسكن في أعز بقعة من بقاعنا المقدسة بعد مكة والمدينة ، ألا يكفي أنها تسيطر على كل شيئ ، وكانت سببا في مصائبنا وكوارثنا وتوطنت كالسرطان الخبيث في قلب عروبتنا ، فكانت وقود النار الذي أحرق العراق ، ألا يكفي أنها تسوقنا كالغنم إلى حتفنا ،،،هل سنفاوضها أيضا وفق مبدأ الجسد مقابل السلام والعياذ بالله ؟ " . رجعت إلى بيت صاحبي وكل علامات الغضب في وجهي ...وبعدما ودعت أهلي وأصدقائي .....وقفت على رأس الشيخ وقلت له " مع هذا لا ينفع القرآن حتى لو قرأت المصحف كله ، أخرج من الغرفة من فضلك لأنني ألبس حزاما ناسفا ..سأحرق السفارة بمن فيها ، وأحترق أنا أيضا فهذه فرصة لا تعوض للشهادة ". صرخ العفريت ...." إرهابي ..إرهابي سأخرج ، سأخرج ولن أعود ..." قلم / مصطفى بونيف - الجزائر Citer Link to post Share on other sites
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.