sa3id 10 Posted June 13, 2009 Partager Posted June 13, 2009 حوار مع دينار رأيت فقيرا مقطع الثياب ، كبير السن ، يبدو عليه آثار الجوع والعطش . رأيته مستلقيا على عتبة البنك ، وقد استغرق في نوم عميق ، وكانت أشعة الشمس تدنو منه قليلا قليلا حتى وصلت إلى صدره وهو لا يشعر بحرارتها . وقفت عنده أنظر إليه وأتأمله ، وأقول في نفسي : " سبحان الله ، إن بين هذا الفقير وخزينة المال بضعة أمتار ، إننا والله نعيش في عالم المتناقضات " . أدخلت يدي في جيبي ، فأحسست بحركة غريبة ، أمسكت الذي يتحرك في جيبي وأخرجته ، وفوجئت عندما رأيته ، إنه دينار . فقلت له : لماذا تتحرك في جيبي ؟ الدينار : أنا في جيبك منذ زمن بعيد ، وأنت لم تتعامل معي وفق هدف وجودي . قلت : وما هدف وجودك يا دينار ؟! الدينار : هو الإنفاق على أهلك ووالديك ، وقضاء حاجاتك الشخصية وحوائج المسلمين ، من تفريج كربة ، وإعانة مدين ، وتوسعة على يتيم ، وغيرها من وجوه البر والخير .قلت : وكيف جئت إليّ يا دينار ؟! الدينار : إن لي قصة طويلة ، فقد تنقلت بين أيد كثيرة ، فالأول اشترى بي خمرا ، والثاني اشترى بي فيلما مخلا بالآداب ، والثالث دفعني رشوة لآخر ، والرابع اشترى بي منك بضاعة فوصلت إليك ، وكل هؤلاء كانوا عبّادا للمال ، ولا أعرف عنك أي شيء بعد . قلت : وكيف علمت أن هؤلاء هم عبّاد المال ؟ الدينار : من طريقة تعاملهم معي ، وكانوا لا ينفقوني في سبيل الله ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله : " لكل أمة وثن يعبدونه ، ووثن هذه الأمة الدينار والدرهم " . وأنت يا صاحبي إن لم تصرفني في وجوه الخير فسأحرقك باسمي . قلت مستغربا : ماذا تقول ؟ ستحرقني باسمك ؟!! وكيف ذلك ؟!! Citer Link to post Share on other sites
sa3id 10 Posted June 13, 2009 Author Partager Posted June 13, 2009 الدينار : إن أول اسمي " دين " ليذكرك بحقوق دينك عليك وآخر اسمي " نار " ليحرقك إن كنزتني أو أنفقتني في الحرام . قال تعالى : ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ، يوم يُحمى عليها في نار جهنم فتُكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) . قلت : إن شأنك لخطير يا دينار . الدينار : نعم إنّ لي شأنا كبيرا ، فأحسن معاملتي ، حتى لا يعذبك الله بسببي ، وانظر إلى الذين كنت عندهم كانوا يزرعون السيئات ويرجون الحسنات ، هل يُجنى من الشوك العنب ؟ فاحذر أن تسير على دربهم ، وهذا فقير أمامك ادفعني إليه وسأكون شاهدا لك يوم القيامة إن شاء الله . واحرص على أن يكون عندك بعد ذلك شعور " ابن عيينة " ؟ قلت : وما شعور ابن عيينة ؟ ومن هو ابن عيينة ؟ الدينار : إنه أحد التابعين ، وكان اسمه " سفيان بن عيينة " وكان مشهور بالإنفاق وحب الخير حيث يروي لنا أحد أصحابه فيقول : " كنت أمشي مع سفيان بن عيينة إذ أتاه سائل فلم يكن معه ما يعطيه . فبكى . فقلت : يا أبا محمد ما الذي أبكاك ؟ قال : أي مصيبة أعظم من أن يؤمّل فيّ رجل خيرا فلا يصيبه " قلت : سبحان الله ، إنه لشعور رقيق جدا Citer Link to post Share on other sites
sa3id 10 Posted June 13, 2009 Author Partager Posted June 13, 2009 الدينار : هكذا فكن ، واستغل مواسم عمرك ، ولا تفرط في شبابك حتى يضاعف الله أجرك . قلت : وهل هناك فرق بين من يتصدق في شبابه أو في هرمه ؟ الدينار : نعم فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أي الصدقة أعظم أجرا ؟قال : " أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر " ومعنى صحيح شحيح : " أي إنّ من يكون صحيح البدن فإنه غالبا يكون شحيحا أي بخيلا بالمال لأنه يجد للمال وقعا في قلبه لما يأمله من البقاء فيحذر معه الفقر . وقال ابن بطال ولما كان الشحّ غالبا في الصحة فالسماح فيه بالصدقة أصدق في النية وأعظم للأجر بخلاف من يأس من الحياة ورأى مصدر المال لغيره " . قلت : والله لقد فتحت عليّ أبوابا كانت مغلقة ، فجزاك الله خيرا . ثم عدت فقلت : ألا تعتقد أنك فتنة في هذه الحياة الدنيا ؟! الدينار : بالتأكيد أنا فتنة فكم من عالم قد فتن بي ؟ وكم من زاهد قد فتن بي ؟ وكم ؟ وكم ؟ كلهم كانوا صرعى الدنانير والدراهم ، وإنك لترى أحيانا بعض الدعاة الملتزمين بالسنة في الملبس والمشرب ولكنهم لا يتحملون بريق الدينار ، ولا صوت الدرهم . قلت : وكيف ذلك ؟! وأنت تقول أنهم ملتزمون . الدينار : إنها الفتنة يا صاحبي ، فإنك لم تبصرها بعد ، واسمع إلى قول الشاعر يصف ذلك : لا يغرنّك من المرء قميص رقعه... أو إزار فوق عظم الساق منه رفعه أو جـبين لاح فيـه أثر قـد خلعـــه... أَرِه الـــدرهم تعرف حـــبه أو ورعـه قلت : صدقت يا دينار ، أسأل الله أن يغنيني ولا يفتني . الدينار : والآن ادفعني إلى هذا الفقير حتى يحبك الله ، وأكون سبب في إطفاء غضب الله عليك ، ويجازيك على ما فعلت . قلت : حسنا . ثم جلست بقرب الفقير ، ووضعت يدي على صدره ، وقلت له : يا هذا .. يا هذا .. فقام فزعا وفتح عينيه فقلت له : لا تخف إني رجل محسن ، وهذا دينار فخذه ليعينك على نوائب الدهر . فجلس ورفض أن يأخذ الدينار وقال : أنا لست متسولا . قلت : أعرف ذلك ولكنك بحاجة إلى المال . فأخذ مني الدينار وقال : جزاك الله خيرا ثم أخذ يردد : اجعل المال إلى الله زادا ... واجعل الدنيا طريقا وجسرا إنما التاجـر حقا يقينا ... تاجر يربــح حمدا وأجــرا منقول Citer Link to post Share on other sites
tomb raider 10 Posted August 1, 2009 Partager Posted August 1, 2009 مشكووووووووووووور و تسلم Citer Link to post Share on other sites
Recommended Posts
Join the conversation
You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.