Jump to content

الْحَسَدِ


Recommended Posts

Guest Serena1

بَابُ: الْحَسَدِ

 

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «إِنَّ الْغِلَّ وَالْحَسَدَ يَأْكُلَانِ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» .

 

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيَّةَ: عَنْ عَبَّادَ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " ثَلَاثَةٌ لَا يَنْجُو مِنْهُنَّ أَحَدٌ: الظَّنُّ وَالْحَسَدُ وَالطِّيَرَةُ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُنْجِي مِنْهُنَّ؟ قَالَ: «إِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ وَإِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ» .

أَوْ قَالَ: «لَا تَرْجِعْ» , وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ: يَعْنِي إِذَا كَانَ الْحَسَدُ فِي قَلْبِكَ فَلَا تُظْهِرْهُ وَلَا تَذْكُرْ عَنْهُ بِسُوءٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُؤَاخِذُكَ بِمَا فِي قَلْبِكَ مَا لَمْ تَقُلْ بِاللِّسَانِ أَوْ تَعْمَلْ عَمَلًا فِي ذَلِكَ

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: إِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ يَعْنِي إِذَا ظَنَنْتَ بِالْمُسْلِمِ ظَنَّ السَّوْءِ، فَلَا تَجْعَلْ ذَلِكَ حَقِيقَةً مَا لَمْ تَرَ بِالْمُعَايَنَةِ.

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ.

يَعْنِي إِذَا أَرَدْتَ الْخُرُوجَ إِلَى مَوْضِعٍ

 

فَسَمِعْتَ صَوْتَ هَامَّةٍ أَوْ صَوْتَ عَقْعَقٍ أَوِ اخْتَلَجَ شَيْءٌ مِنْ أَعْضَائِكَ فَامْضِ وَلَا تَرْجِعْ،.

 

220 - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ الْفَأْلَ الْحَسَنَ وَيَكْرَهُ الطِّيَرَةَ.

وَقَالَ: «الطِّيَرَةُ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ» .

وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ.

كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ** [النمل: 47] .

وَفِي آيَةٍ أُخْرَى {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ** [يس: 18] .

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا سَمِعْتَ صَوْتَ طَيْرٍ فَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلَا خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ امْضِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكَ شَيْءٌ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى

 

قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا»

وَرُوِيَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ لِابْنِهِ: يَا بُنَيَّ إِيَّاكَ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ فِيكَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنُ فِي عَدُوِّكَ.

لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الشَّرِّ أَضَرُّ مِنَ الْحَسَدِ، لِأَنَّهُ يَصِلُ إِلَى الْحَاسِدِ خَمْسَ عُقُوبَاتٍ، قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَحْسُودِ مَكْرُوهٌ.

أَوَّلُهَا: غَمٌّ لَا يَنْقَطِعُ.

وَالثَّانِي: مُصِيبَةٌ لَا يُؤْجَرُ عَلَيْهَا.

 

 

وَالثَّالِثُ: مَذَمَّةٌ لَا يُحْمَدُ بِهَا.

وَالرَّابِعُ: يَسْخَطُ عَلَيْهِ الرَّبُّ.

وَالْخَامِسُ: تُغْلَقُ عَلَيْهِ أَبْوَابُ التَّوْفِيقِ.

 

222 - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا إِنَّ لِنِعَمِ اللَّهِ أَعْدَاءٌ» قِيلَ: مَنْ أَعْدَاءُ نِعَمِ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ» .

وَرُوِيَ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ , أَنَّهُ قَالَ: «إِنِّي أُجِيزُ شَهَادَةَ الْقُرَّاءِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَلَا أُجِيزُ شَهَادَةَ الْقُرَّاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.

لِأَنِّي وَجَدْتُهُمْ حُسَّادًا.

يَعْنِي أَنَّ أَكْثَرَ الْحَسَدِ فِي الْقُرَّاءِ»

 

223 - وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «سِتَّةٌ بِسِتَّةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْلَ الْحِسَابِ يَعْنِي سِتَّةُ أَصْنَافٍ، بِسَبَبِ سِتَّةِ أَشْيَاءَ يَدْخُلُونَ النَّارَ قَبْلَ الْحِسَابِ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: " الْأُمَرَاءُ مِنْ بَعْدِي بِالْجَوْرِ، وَالْعَرَبُ بِالْعَصَبِيَّةِ، وَالدَّهَّاقِينَ بِالْكِبْرِ، وَالتُّجَّارُ بِالْخِيَانَةِ، وَأَهْلُ الرُّسْتَاقِ بِالْجَهَالَةِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَسَدِ،.

يَعْنِي الْعُلَمَاءَ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ الدُّنْيَا، يَحْسُدُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

فَيَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيَطْلُبَ بِهِ الْآخِرَةَ.

فَإِذَا كَانَ الْعَالِمُ يَطْلُبُ بِعِلْمِهِ الْآخِرَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحْسُدُ أَحَدًا وَلَا يَحْسُدُهُ أَحَدٌ.

وَإِذَا تَعَلَّمَ لِطَلَبِ الدُّنْيَا فَإِنَّهُ يَحْسُدُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عُلَمَاءِ الْيَهُودِ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ** [النساء: 54] ، يَعْنِي أَنَّ يَهُودًا كَانُوا يَحْسُدُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ.

فَكَانُوا يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هُوَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَشَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ كَثْرَةِ النِّسَاءِ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ** [النساء: 54] ، يَعْنِي النُّبُوَّةَ وَكَثْرَةَ النِّسَاءِ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِيَّاكُمْ وَالْحَسَدَ، فَإِنَّ الْحَسَدَ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي السَّمَاءِ، وَأَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْأَرْضِ.

وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوَّلُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي السَّمَاءِ يَعْنِي إِبْلِيسَ حِينَ أَبَى أَنْ يَسْجُدَ لِآدَمَ، وَقَالَ: {خَلَقْتَنِي

مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ** [الأعراف: 12] فَحَسَدَهُ فَلَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ.

وَأَمَّا الَّذِي عُصِيَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْأَرْضِ فَهُوَ قَابِيلُ بْنُ آدَمَ حِينَ قَتَلَ أَخَاهُ هَابِيلَ حَسَدًا.

وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ** [المائدة: 27] .

وَرُوِيَ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ , أَنَّهُ قَالَ: «لَا رَاحَةَ لِحَسُودٍ، لَا وَفَاءَ لِبَخِيلٍ، وَلَا صَدِيقَ لِمَلُولٍ، وَلَا مُرُوَءَةَ لِكَذُوبٍ، وَلَا رَأْيَ لِخَائِنٍ، وَلَا سُؤْدُدَ لِسَيِّئِ الْخُلُقِ» وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مَا رَأَيْتُ ظَالِمًا أَشْبَهَ بِالْمَظْلُومِ مِنَ الْحَاسِدِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: مَا حَسَدْتُ أَحَدًا عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَيْفَ أَحْسُدُهُ وَهُوَ صَائِرٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَكَيْفَ أَحْسُدُهُ وَهُوَ صَائِرٌ إِلَى النَّارِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَا ابْنَ آدَمَ لِمَ تَحْسُدُ أَخَاكَ، فَإِنَّ الَّذِي أَعْطَاهُ اللَّهُ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ.

فَلِمَ تَحْسُدُ مَنْ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنْ يَكُنْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَحْسُدَ مَنْ مَصِيرُهُ إِلَى النَّارِ.

ثَلَاثَةٌ لَا تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُمْ.

آكِلُ الْحَرَامِ، وَمِكْثَارُ الْغِيبَةِ، وَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ غِلٌّ أَوْ حَسَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ.

 

وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ , عَنْ سَالِمٍ , عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ وَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَالًا وَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ "

يَعْنِي أَنْ يَجْتَهِدَ حَتَّى يَفْعَلَ مِثْلَ فِعْلِهِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ وَفِي

 

الصَّدَقَةِ.

فَهَذَا الْحَسَدُ مَحْمُودٌ.

فَأَمَّا إِذَا حَسَدَهُ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ زَوَالَهُ عَنْهُ، فَهُوَ مَذْمُومٌ.

وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إِذَا رَأَى الْإِنْسَانُ مَالًا أَوْ شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَيَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ لَهُ فَهُوَ مَذْمُومٌ.

وَإِنْ تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُهُ، فَهُوَ غَيْرُ مَذْمُومٍ.

وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ** [النساء: 32] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ** [النساء: 32] ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَتَمَنَّى فَضْلَ غَيْرِه لِنَفْسِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.

فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنَ الْحَسَدِ، لِأَنَّ الْحَاسِدَ يُضَادُّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّاصِحَ هُوَ رَاضٍ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَكُون رَاضِيًا نَاصِحًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَكُونَ حَاسِدًا»

 

وَرَوَى الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَالَ: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتَّةُ أَشْيَاءَ» قِيلَ: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ عُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ»

 

حَدَّثَنَا أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، حَدَّثَنَا هَمَّامُ النَّسَفِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , يَقُولُ: خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، فَكَانَ أَوَّلُ مَا عَلَّمَنِي قَالَ: «يَا أَنَسُ، أَحْكِمْ وُضُوءَكَ لِصَلَاتِكَ تُحِبُّكَ حَفَظَتُكَ، وَيَزِدْ فِي عُمْرِكَ.

يَا أَنَسُ، اغْتَسِلْ مِنَ الْجَنَابَةِ وَبَالِغْ فِيهَا، فَإِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةً» .

قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ أُبَالِغُ فِيهَا؟ قَالَ: «رَوِّ أُصُولَ شَعْرِكَ، وَأَنْقِ بَشْرَتَكَ، تَخْرُجْ مِنْ مُغْتَسَلِكَ وَقَدْ غُفِرَ ذَنْبُكَ.

يَا أَنَسُ لَا يَفُوتَنَّكَ رَكْعَتَا الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ، وَأَكْثِرِ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِنَّكَ مَا دُمْتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُصَلُّونَ عَلَيْكَ.

 

Link to post
Share on other sites
Guest Serena1

يَا أَنَسُ، وَإِذَا قُمْتَ لِلصَّلَاةِ فَانْصِبْ نَفْسَكَ للَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا رَكَعْتَ فَاجْعَلْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ، وَفَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ، وَارْفَعْ عَضُدَيْكَ عَنْ جَنْبَيْكَ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ فَقُمْ حَتَّى يَعُودَ كُلُّ عُضْوٍ إِلَى مَكَانِهِ، وَإِذَا سَجَدْتَ فَأَلْقِ وَجْهَكَ بِالْأَرْضِ وَلَا تَنْقُرْ نَقْرَ الْغُرَابِ، وَلَا تَبْسُطْ ذِرَاعَيْكَ بَسْطَ الثَّعْلَبِ، وَإِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنَ السُّجُودِ فَلَا تُقْعِ كَمَا يُقْعِي الْكَلْبُ، وَضَعْ إِلْيَتَكَ بَيْنَ قَدَمَيْكَ، وَالْزَقْ ظَاهِرَ قَدَمَيْكَ بِالْأَرْضِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَنْظُرُ إِلَى صَلَاةٍ لَا يَتِمُّ رُكُوعُهَا وَلَا سُجُودُهَا، وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْوُضُوءِ فِي يَوْمِكَ وَلَيْلَتِكَ فَافْعَلْ، فَإِنَّهُ إِنْ يَأْتِكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَفُتْكَ الشَّهَادَةُ.

يَا أَنَسُ، إِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ يَعْنِي عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ تَكْثُرْ بَرَكَتُكَ وَبَرَكَةُ بَيْتِكَ.

وَإِذَا خَرَجْتَ لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعَنَّ بَصَرُكَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ قِبْلَتِكَ إِلَّا سَلَّمْتَ عَلَيْهِ تَدْخُلْ حَلَاوَةُ الْإِيمَانِ فِي قَلْبِكَ.

وَإِنْ أَصَبْتَ ذَنْبًا فِي مَخْرَجِكَ رَجَعْتَ وَقَدْ غُفِرَ لَكَ.

يَا أَنَسُ لَا تَبِيتَنَّ لَيْلَةً وَلَا تُصْبِحَنَّ يَوْمًا وَفِي قَلْبِكَ غِشٌّ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَخَذَ بِسُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَحَبَّنِي فَهُوَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ.

يَا أَنَسُ، إِذَا عَمِلْتَ بِهَذَا وَحَفِظْتَ وَصِيَّتِي فَلَا يَكُونُ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ فَإِنَّ فِيهِ رَاحَتَكَ»

فَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ إِخْرَاجَ الْغِشِّ مِنَ الْقَلْبِ مِنْ سُنَّتِهِ، فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُخْرِجَ الْغِلَّ وَالْحَسَدَ مِنْ قَلْبِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ

 

سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَحْكِي بِإِسْنَادِهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ: «يَطْلَعُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مُعَلِّقٌ نَعْلَيْهِ بِشِمَالِهِ» .

فَطَلَعَ رَجُلٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَسَلَّمَ وَجَلَسَ مَعَ الْقَوْمِ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ هَيْئَتِهِ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.

فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَارَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَ: قَدْ وَقَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي كَلَامٌ، وَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَإِذَا رَأَيْتَ أَنْ تَأْوِينِي إِلَيْكَ لِأَجْلِ يَمِينِي فَعَلْتَ.

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ أَنَسُ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَهُ لَيْلَةً فَلَمْ يَقُمْ مِنْهَا سَاعَةً، إِلَّا إِنَّهُ إِذَا نَامَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَكَبَّرَهُ حَتَّى يَقُومَ مَعَ الْفَجْرِ.

فَإِذَا تَوَضَّأَ أَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَأَتَمَّ الصَّلَاةَ، ثُمَّ أَصْبَحَ وَهُوَ مُفْطِرٌ، قَالَ: فَرَمَقْتُهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَسْمَعُهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا.

فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ وَكِدْتُ أَنْ أُحَقِّرَ عَمَلَهُ قُلْتُ لَهُ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هِجْرَةٌ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي ثَلَاثِ مَجَالِسَ: «يَطْلَعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» .

فَطَلَعْتَ أَنْتَ فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ حَتَّى أَنْظُرَ مَا تَعْمَلُهُ فَأَقْتَدِيَ بِكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرًا، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ.

فَدَعَانِي حِينَ وَلَّيْتُ فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي شَرًّا لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ.

قَالَ: فَقُلْتُ هَذَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الَّذِي لَا أُطِيقُ عَلَيْهِ

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: بَارَزَ الْحَاسِدُ رَبَّهُ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: أَوَّلُهَا: قَدْ أَبْغَضَ كُلَّ نَعْمَةٍ قَدْ ظَهَرَتْ عَلَى غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: سَخِطَ لِقِسْمَتِهِ.

يَعْنِي يَقُولُ لِرَبِّهِ لِمَ قَسَمْتَ هَكَذَا؟ وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ ضَنَّ بِفَضْلِهِ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.

وَهُوَ يَبْخَلُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالرَّابِعُ: خَذَلَ وَلِيَّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ يُرِيدُ خُذْلَانَهُ وَزَوَالَ النِّعْمَةِ عَنْهُ.

وَالْخَامِسُ: أَعَانَ عَدُوَّهُ.

يَعْنِي إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ.

وَيُقَالُ: الْحَاسِدُ لَا يَنَالُ فِي الْمَجَالِسِ إِلَّا مَذَمَّةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا لَعْنَةً وَبُغْضًا.

وَلَا يَنَالُ فِي الْخَلْوَةِ إِلَّا جَزَعًا وَغَمًّا، وَلَا يَنَالُ عِنْدَ النِّزَاعِ إِلَّا شِدَّةً وَهَوْلًا، وَلَا يَنَالُ فِي الْمَوْقِفِ إِلَّا فَضِيحَةً وَنَكَالًا، وَلَا يَنَالُ فِي النَّارِ إِلَّا حَرًّا وَاحْتِرَاقًا.

وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

 

Link to post
Share on other sites

Join the conversation

You can post now and register later. If you have an account, sign in now to post with your account.

Guest
Répondre

×   Pasted as rich text.   Paste as plain text instead

  Only 75 emoji are allowed.

×   Your link has been automatically embedded.   Display as a link instead

×   Your previous content has been restored.   Clear editor

×   You cannot paste images directly. Upload or insert images from URL.

×
×
  • Create New...